اعتلال الشبكية السكري

يمكن لداء السكري التاثير على معدل وحدة رؤية المرضى

في حال إصابتك بداء السكري، لن يستطيع جسمك تنظيم معدل السكر في الدم، أو حتى لن يتمكن من الاستفادة من المواد السكرية او تخزينها للتخلص منها. ويعمل السكري على رفع معدلات السكر في الدم، الشعور بالعطش الشديد، تكرر البول بالإضافة إلى عدد من التغييرات على الأوعية الدموية في مختلف أنحاء الجسم (الشرايين والأوردة). ويمكن لداء السكري التأثير على معدل وحدة الرؤية بأشكال مختلفة ومتعددة. فالسكري العامل الأساسي في تشكيل الساد (الكتاراكت)، الجلوكوما أو المياه البيضاء والأهم من ذلك اختلال في عمل ووظيفة الأوعية الدموية داخل العين.

ماذا نعني باعتلال الشبكية السكري؟

اعتلال الشبكية السكري عبارة عن الأعراض والآثار الناتجة عن الإصابة بداء السكري والمستحدثة في الأوعية الدموية الخاصة بالشبكية وأنسجتها. فالشبكية عبارة عن طبقة من الأنسجة العصبية خلف كرة العين تعمل على تحليل الأشعة الضوئية الواردة إلى العين وإرسال النتائج إلى الدماغ عبر العصب البصري. وعندما تتعرض الأوعية الدموية الخاصة بالشبكية للتلف أو التخريب، قد يسبب ذلك ارتشاح الدم أو السوائل الأخرى الموجودة فيه أو نمو أوعية دموية جديدة غير طبيعية سريعة التلف وتعمل على تخريب أنسجة الشبكية العصبية وفي الحقيقة تسبب ضبابية الصور المرسلة من الشبكية إلى الدماغ أو اعوجاجها.

يعد اعتلال الشبكية السكري من أهم العوامل الرئيسية في تناقص حدة الرؤية، ويعاني المصابون بداء السكري باحتمالية فقدان البصر الكامل بنسبة أكبر بـ 25 مرة من الأشخاص العاديين.

ومع ازدياد مدة الإصابة بداء السكري، تزداد احتمالية الإصابة باعتلال الشبكية الناتج عنه. ويقارب معدل المصابين بدرجات من اعتلال الشبكية السكري والتي تتلخص بصدمات الأوعية الدموية إلى 80 بالمئة من المصابين بداء السكري لأكثر من 15 عاماً. ويزداد احتمال الاصابة باعتلال الشبكية السكري عند المصابين بداء السكري من النوع الأول (عند المراهقين) كلما انخفض سن بداية تشخيص المرض. ففي حال إصابتك بداء السكري، من الضروري معرفة أنه وفي عصرنا الحالي ومع ارتقاء وتطور الوسائل التشخيصية والعلاجية، تعاني نسبة مئوية قليلة فقط من المصابين بالسكري من علائم ومشكلات السكري البصرية كانخفاض معدل وحدة الرؤية شريطة مراجعة طبيب العينية المتخصص في الوقت المناسب للفحص وبدأ المداخلة الطبية.

أنواع اعتلال الشبكية السكري

  • اعتلال الشبكية العام (المبكر)

المرحلة الأولى والبدائية من اعتلال الشبكية عند المصابين بداء السكري. في هذه المرحلة تعاني الأوعية الدموية في الشبكية من أضرار متعددة تسبب ارتشاح الدماء أو السوائل الأخرى منها. تعمل السوائل المترشحة على ورم طبقات الشبكية العصبية أو التسبب برسوبات يطلق عليها اسم "الإفرازات".

في العادة لا تؤثر هذه المرحلة المرضية على حدة ومعدل الرؤية على الإطلاق إلا أنها يمكن ومع مرور الوقت وبعد تفاقم وتدهور الحالة المرضية، أن تسبب انخفاض في حدة الرؤية. ولذلك يمكننا اعتبار اعتلال الشبكية العام كمرحلة إنذار للمريض لحثه على متابعة مراحل التشخيص والعلاج للحيلولة من انخفاض معدل وحدة الرؤية أو العمى الكامل.

في بعض الأحيان تتجمع الإفرازات والدماء المترشحة عن الأوعية الدموية المصابة في القسم من الشبكية المسؤول عن الرؤية المركزية. تتعهد الرؤية المركزية التدقيق في التفاصيل الصغيرة للأجسام والأشياء الموجودة في المجال البصري (الحروف أو الأعداد على سبيل المثال). ويطلق على هذه الظاهرة اسم وذمة البقعة الصفراء وقد تؤدي إلى اختلال في القيام بالفعاليات والأنشطة اليومية الاعتيادية كالقيادة، القراءة وغيرها من النشاطات التي تستلزم الرؤية قريبة المدى.

  • اعتلال الشبكية التكاثري (المتقدم)

اختلال في الشبكية يؤدي إلى نمو وتكثير أوعية دموية جديدة غير طبيعية على سطح الشبكية. يطلق على هذه الظاهرة اسم (Neovascularization) أو النئوفاسكولاريزاسيون أي نمو وتكاثر الأوعية الدموية. تتميز الأوعية الدموية الجديدة بجدار ضعيف وغير قابل لتحمل الصدمات أي يمكن أن يتعرض للتخريب والنزيف بسهولة. تسبب الدماء المترشحة وغيرها من السوائل من الأوعية الدموية الجديدة ضبابية الزجاجية (الزجاجية عبارة عن مادة شفافة هلامية الشكل تملئ القسم الخلفي من كرة العين) وتمنع إلى حد معين عبور الأشعة الضوئية من الحدقة إلى الشبكية مما يسبب ضبابية واعوجاج التصوير. يمكن للأوعية الدموية الجديدة غير الطبيعية أن تتحول إلى أنسجة صلبة تعمل على فصل الشبكية من مكانها الطبيعي وانفصال الشبكية الذي يؤدي في حال عدم الخضوع إلى العلاج المناسب إلى الانخفاض الشديد في حدة ومعدل الرؤية والعمى الكامل أيضاً.

كما يمكن للأوعية الدموية غير الطبيعية النمو على أطراف الحدقة، القزحية (القسم الملون من العين) والتسبب بالجلوكوما أو الماء الأسود من خلال زيادة الضغط داخل العين بعد سد الزاوية العينية.

اعتلال الشبكية التكاثري من أشد اختلالات الشبكية خطورة والناتجة عن داء السكري. وتصل نسبة المصابين بهذا الاختلال إلى 20 بالمئة من مرضى السكري ويمكن أن يؤدي إلى انخفاض شديد في حدة الرؤية أو العمى.

ماهي علائم اعتلال الشبكية السكري؟

في العادة لا يشعر المرضى في مرحلة اعتلال الشبكية السكري العام (المبكر) بأي عارضة أو علامة عن وجود المرض، إلا في حال إصابة القسم المسؤول عن الرؤية المركزية في الشبكية بالوذمة أو الورم والذي يسبب انخفاض حدة وضبابية الرؤية بشكل تدريجي. ويمكن للمرضى عدم الإحساس بتغييرات حدة الرؤية على الإطلاق وتعد المعاينة الطبية والفحوصات الطريقة الوحيدة والأنسب التي تساهم في فهم التغييرات الحاصلة داخل العين وشبكية المصابين بالسكري.

عندما تبدأ الأوعية الدموية الجديدة وغير الطبيعية بالنزيف، تنخفض حدة الرؤية ويشعر المريض بضابية الرؤية ويمكن في الحالات المتطورة من الاعتلال فقدان الرؤية بالكامل. يعد اعتلال الشبكية السكري المتقدم أو التكاثري ومع أنه خالي من الألم مشكلة خطيرة تستدعي المداخلة الطبية الفورية. يمكن للحمل وارتفاع ضغط الدم رفع شدة تدهور وتفاقم اعتلال الشبكية السكري وتشديد علائمه.

      
        
 الرؤية الطبيعية
 الرؤية عند مرضى داء السكري

 

 

                                                   

 

كيف يتم تشخيص اعتلال الشبكية السكري؟

تعد المعاينة والفحوص الطبية المنظمة تحت إشراف طبيب العينية المتخصص أو متخصص الشبكية، الطريقة الأنسب والأفضل لتشخيص اعتلال الشبكية السكري ومتابعة تفاقمه. يمكن لاعتلال الشبكية السكري وفي مراحلة المتقدمة أيضاً فقدانه لأي علامة أو عارضة بصرية، وبالطبع يستطيع الأطباء علاج اعتلال الشبكية السكري في حال تشخيصه في الوقت المناسب. يعمل الطبيب وبهدف تشخيص اعتلال الشبكية على فحص العين والشبكية بمنظار العين، وقد يستعمل قبل الفحص مجموعة من القطرات العينية لتوسيع حدقة العين مما يمنحه المجال لإلقاء نظرة فاحصة وأدق.

وفي حال تشخيص علائم اعتلال الشبكية السكري، قد يطالب الطبيب المريض بصورة ملونة عن قعر العين أو اختبار خاص باسم "تصوير الأوعية الدموية بالفلوروسين" والذي يحدد بدقة أكبر حاجة المريض للخضوع إلى العلاج. ويستند اختبار فحص الأوعية الدموية بالفلوروسين على حقن الأوعية الدموية بمادة الفلوروسين المظللة ومن ثم التقاط صور عنها.

كيف يتم علاج اعتلال الشبكية السكري؟

قبل بداية العلاج، يأخذ طبيب العينية المتخصص هذه المسائل في عين الاعتبار وعلى محمل الجدية:

- عمر المريض

- سوابق المريض الطبية

- المستوى المعيشي للمريض

- النسبة المئوية المعرضة للاصابة من الشبكية

لا يحتاج مرضى اعتلال الشبكية السكري في أكثرية الحالات إلى العلاج أو المداخلة الطبية، إلا أن المعاينة الطبية المنتظمة تحت إشراف طبيب العينية المتخصص من أهم خطوات ومراحل متابعة ومراقبة تفاقم وتدهور الحالة المرضية. في بعض الحالات الأخرى يلجأ الأطباء إلى العلاج الطبي الجراحي أو الليزري بهدف الحد من تأثير اعتلال الشبكية السكري على معدل وحدة الرؤية.

  • الجراحة الليزرية: تستخدم الجراحة الليزرية في أغلبية الأحيان في علاج اعتلال الشبكية السكري وتعد من التقنيات العلاجية المؤثرة والفعالة. وتستند العملية الجراحية على تركيز أشعة الليزر القوية على أقسام الشبكية التي تعرضت للتلف أو التخريب. ويعمل تسليط أشعة الليزر على إغلاق الأوعية الدموية المترشحة وبذلك تساهم في تخفيض ورم طبقات الشبكية. ويطلق على هذا النوع من العلاج اسم "التخثير الضوئي".

وأما فيما يتعلق بالأوعية الدموية الجديدة وغير الطبيعية، تعمل أشعة الليزر المسلطة على كافة أنحاء والأقسام المحيطية من الشبكية على الحد من نمو الأوعية الدموية الجديدة غير الطبيعية بالإضافة إلى إحكام اتصال الشبكية بالقسم الخلفي من كرة العين والحيلولة دون التعرض لانفصال الشبكية.

ويمكن للمريض الخضوع لعملية الليزر الجراحية في عيادة الطبيب المتخصص أو في إحدى العيادات المتخصصة دون الحاجة إلى الإقامة في المستشفى. وفي حال تشخيص اعتلال الشبكية السكري في مراحلة البدائية، يمكن للجراحة الليزرية الحد من نمو الأوعية الدموية والتفاقم السريع لانخفاض حدة الرؤية، حتى في المراحل المرضية المتقدمة (اعتلال الشبكية السكري التكاثري) أيضاً، تمتلك التقنيات الليزرية القدرة على تقليل احتمالية الانخفاض الشديد في حدة الرؤية عند المريض.

  • التجميد (الكرايوترابي): لا يمكن الاستفادة من تقنيات الجراحة الليزرية في حال تجمع الدماء داخل الزجاجية أو ضبابيتها حتى يتم جذب الدماء والإفرازات المترشحة. لذلك وفي حال وجود نزيف في الزجاجية، يمكن الاعتماد على تقنيات التجميد في تصغير حجم الأوعية الدموية الجديدة غير الطبيعية والتخلص من آثارها الضارة.
  • استئصال الزجاجية (الفيتروكتومي): في بعض الأحيان وعند إصابة المريض باعتلال الشبكية السكري المتقدم أو التكاثري، قد يوصي الطبيب باستئصال الزجاجية كحل علاجي مناسب. تتم هذه العملية الجراحية حصرياً داخل غرف العمليات المجهزة، ويعمل الطبيب الجراح على استئصال الزجاجية المملوءة بالدماء والترشحات ومن ثم استبدالها بسائل شفاف. ويشعر أكثر من 70 بالمئة من المرضى بتحسن حدة الرؤية بعد الخضوع لعملية استئصال الزجاجية. في بعض الأحيان وقبل عملية استئصال الزجاجية، قد يوصي الطبيب المريض بالصبر لمدة تتراوح من عدة أشهر إلى العام الكامل لمنح الزجاجية الوقت الكافي لجذب الدماء المتراكمة داخلها.
  • ترميم الشبكية: يمكن أن يسبب اعتلال الشبكية السكري عند بعض المرضى وكما أشرنا سابقاً إلى حالة من انفصال الشبكية تسبب انخفاضاً شديداً في حدة ومعدل الرؤية أو العمى الكامل. ويلجأ الأطباء بهدف تحسين الرؤية إلى عمليات ترميم الشبكية وتثبيتها في القسم الخلفي من كرة العين.

ما دور المريض في علاج اعتلال الشبكية السكري؟

لا يرتبط علاج اعتلال الشبكية السكري والحيلولة دون أثاره المخربة على حدة ومعدل الرؤية برقابة وإشراف طبيب العينية المتخصص فحسب، وإنما لإيلاءك الانتباه ورعايتك لاستخدام الأدوية في موعدها والمحافظة على سلامة الحمية الغذائية الخاصة بالسكري أهميتها الكبيرة أيضاً. حيث يتوجب على المريض في هذه الحالة مراعاة حفظ معدلات السكر في الدم ضمن مجالها الطبيعي، الامتناع عن التدخين وتنظيم معدلات ضغط الدم ضمن مجالاتها الطبيعية. في العادة لا تسبب الرياضات والأنشطة اليومية أي مشكلة في الحد من آثار اعتلال الشبكية السكري لديهم. في بعض الحالات يوصي الأطباء مرضى السكري الامتناع عن ممارسة بعض الفعاليات والأنشطة في حال إصابتهم بالنوع الفعال من اعتلال الشبكية السكري المتقدم أو التكاثري.

إلى أي حد يمكن الحيلولة دون انخفاض حدة ومعدل الرؤية؟

  • يمكن أن يعاني المريض من اعتلال الشبكية السكري دون الشعور بأي علامة أو عارضة.
  • تشخيص اعتلال الشبكية السكري في مراحلة البدائية من أهم وأنسب الطرق العلاجية في الحد من انخفاض معدل وحدة الرؤية عند المريض.
  • يتوجب على كافة المرضى المصابين بداء السكري الخضوع للمعاينة العينية الطبية تحت إشراف طبيب العينية المتخصص لمرة واحدة سنوياً على الأقل. وقد يستلزم الخضوع للمعاينة الطبية المتكررة ضمن فواصل زمنية أقل في حال تشخيص اعتلال الشبكية.
  • يمكن للمرضى البدأ بعلاج اعتلال الشبكية السكري مبكراً تحت إشراف ومعاينة طبيب العينية المتخصص. وتعد تقنيات الجراحة والليزر من أكثر الوسائل فعالية في علاج هذا الاختلال.
  • الکتیبات اعتلال الشبكية السكري