السؤال الرئيسي في هذا القسم هو ما نفع هذه الحركات العينية؟ بشرح مبسط يمكننا الإشارة إلى أهمية وظيفة وعمل النظام المعقد الرابط بين جهاز حفظ التوازن، الدماغ والجهاز البصري لتمكين الإنسان من تركيز الأجسام التي يرغب في رؤيتها على اللطخة الصفراء في الشبكية للحصول على أعلى دقة ممكنة في الرؤية بحيث لا تؤثر حركات الجسم أو الرأس على دقة الصورة، لأنه وفي حال تحريك الرأس أو الجسم دون إمكانية تصحيح الحركات العينية الناتجة عن المعادلة المعقدة بين جهاز حفظ التوازن والدماغ، لا يمكننا في ذلك الوقت المحافظة على صورة الجسم واضحة كما نريد، وفي هذه الحالة سوف نعاني من ضبابية الرؤية للأجسام التي نرغب في رؤيتها بدقة.
لتوضيح أهمية الرأرأة يمكننا الإشارة إلى الأمثلة التالية:
1. في حال عدم وجود حركات التعقيب البطيئة للعينين، لا يمكننا التركيز على رؤية الأجسام المتحركة من حولنا وامتلاك صورة دائمة الوضوح عنها.
2. في حال عدم وجود حركات الرأرأة العينية، لم نكن لنستطيع رؤية المناظر خارج النافذة بوضوح كامل أثناء حركة القطار أو السيارة لحظة بلحظة، حيث تعرض الصور أمامنا كفيلم ضبابي غير واضح المعالم. فعندما تجلس خلف نافذة القطار أو السيارة، نتعقب الأجسام خارج النافذة بحركة بطيئة مخالفة لجهة حركة القطار أو السيارة، وبعد خروج الجسم من الميدان البصري، تعود العين وبحركة سريعة إلى نقطتها الأولى.
تعود أغلب حالات الرأرأة إلى مشكلات خلقية عند الولادة (يمكن أن تكون من النوع الحسي أو الحركي). وترتبط الرأرأة الحسية بمرض عيني خلقي عند الولادة ويرافقها نقصان شديد في حدة الرؤية منذ بداية الولادة. من الأمراض العينية المرافقة للرأرأة الحسية يمكننا الإشارة إلى الكتاراكت أو الساد، الجلوكوما أو داء الزرق الخلقي، البرص أو المهق، اختلالات الشبكية والعصب البصري الخلقية. في حين لا ترتبط الرأرأة الحركية بأي مرض أو اختلال عيني آخر ولا يعاني المصابين من تناقص حدة الرؤية ويتمتعون بقدرة بصرية جيدة.
تعد الرأرأة نادرة الحدوث إثر الإصابة بالأورام الدماغية أو الاختلالات العصبية الشديدة. كما يمكن للعوامل الإرثية أن تسبب الإصابة بالرأرأة دون الإبتلاء بأي مرض جسمي آخر.
يمكن أن يسبب استخدام بعض الأدوية الرأرأة المؤقتة، ويندر في هذه الحالات مرافقة الرأرأة مع إزدواجية الرؤية (الرؤية المزدوجة) وتسبب في أكثرية الأحيان مشاكل متعددة في الرؤية المحيطية. وقد يسبب الإسراف في تناول المشروبات الكحولية أو الأدوية المستخدمة في علاج الإدمان على الكحول الرأرأة المؤقتة، وفي العادة تختفي أعراضها عند التوقف عن تناول الأدوية المسببة لها.
يمكن أيضاً لبعض الأشخاص التمتع بنوع من الرأرأة المسماة (الرأرأة الإرادية) وتشبه مسئلة قدرة بعض الأشخاص على تحريك أذنيهم. أي وبعبارة أخرى يستطيع هؤلاء الأشخاص تحريك أعينهم بحركات سريعة أفقية لمدة قصيرة من الزمن. يستعمل هذا النوع من الرأرأة لجلب الاهتمام من قبل الأصدقاء والأقارب.
لا تسبب الأمراض الجسمية والاختلالات الناتجة عنها في أغلب الأحيان الرأرأة، وقد ترافق الرأرأة بعض الأعراض والعلائم العصبية والتي تشير إلى تفاقم الحالة المرضية.
تشكل الحركات العينية المنظمة والقابلة للرؤية بالعين المجردة في أغلب الأحيان العلامة الرئيسية لتشخيص الرأرأة. ويمكن لبعض المرضى المعاناة من مسئلة تحريك الرأس وتثبيته في جهات وحركات غير طبيعية للحصول على أفضل وضعية يستطيع من خلالها المريض الحد من ميزان حركات الرأرأة المتكررة. ويمكن أن يعاني بعض المرضى بالإضافة إلى حركات الرأرأة من انحراف في العين (الحول).
بالإضافة إلى العلائم المذكورة سابقاً، وفيما يتعلق بالرأرأة الحسية يعاني المريض من مختلف أعراض وعلائم الأمراض العينية كتدلي الجفون، الكتاراكت أو الساد، أمراض الشبكية أو العصب البصري والقابلة الرؤية والتشخيص. وفي حال الشك بوجود أي اختلال في النظام العصبي للطفل، يتوجب إجراء كافة أنواع الفحوصات والمعاينات العصبية اللازمة وتحويل الطفل على الفور لمتخصص الأمراض العصبية لمتابعة العلاج.