تشريح العين

إن عمل العين الأساسي يتمثل بتركيز الضوء القادم من الوسط الخارجي على الشبكية لتكوين صورة واضحة عليها، تقوم بعدها الشبكية بإرسال هذه الصورة على شكل سيالة عصبية إلى مركز البصر في الدماغ، و الذي يقوم بدوره بتفسيره. و بناء عليه للحصول على صورة واضحة يجب في البداية تركيز الضوء على الشبكية بشكل دقيق.

يشبه شكل العين إلى حد كبير كرة تحتوي في مقدمتها على نافذة تدعى القرنية. يعبر الضوء متجاوزاً القرنية مروراً بالحدقة و وصولاً إلى العدسة و التي تقوم بوظيفة تركيز الضوء على الشبكية بشكل دقيق من أجل الحصول على صورة واضحة.

من أجل رؤية الأشياء بشكل واضح و ثاقب يجب أن يكون الطريق الذي يسلكه الضوء في العين شفافاً، كما ينبغي على القرنية و العدسة تركيزهذا الضوء على الشبكية بدقة.

 

الجفن

عندما يقترب جسم حاد من العين فإن الجفون تغلق لا إرادياً. في الحقيقة الجفن هو غطاء جلدي للعين يحمل على عاتقه وظيفة حماية العين. تحتوي الجفون على الرموش التي تشكل ما يشبه شبكة تقوم بحماية العين من الأتربة و الغبار والمكاره البيئية. فيما يقوم الجفن نفسه بوظيفتين مهمتين: الأولى يشكل جدار و سد دفاعي لحماية العين، و الثانية أنها تغلق كل 5 إلى 10 ثوان مما يساعد في مسح سطح العين و إزالة الميكروبات و العوالق من عنها، إضافة إلى توزيع الطبقة الدمعية على سطع العين بشكل متناسق و متساوي أثناء الفتح و الإغلاق.

الملتحمة

الملتحمة هي طبقة رقيقة مبطنة للجزء الخارجى من العين والجزء الداخلى من الجفون. تحتوي الملتحمة على عدد كبير من الأوعية الدموية و الكريات البيضاء التي تساعد في حماية العين من الميكروبات و العوامل المسببة للأمراض. علاوة على دورها في ترطيب سطح العين و جعله أملس(من خلال إفرازاتها) مما يسهل من حركة العين في الإتجاهات المختلفة.

القرنية

القرنية هي نسيج شفاف في مقدمة العين، حيث يمكن رؤية الأجزاء داخل العين كالقزحية و الحدقة من خلالها. يمكن تشبيه القرنية بزجاج النافذة، فكما أن الزجاج المتسخ يحجب الرؤية من خلاله، فإن القرنية أيضاً تحجب الرؤية عندما تصاب بالعتامة، و كما أن الزجاج المموج أو المزخرف يؤدي إلى رؤية متموجة من خلاله، فإن القرنية أيضاً في حال عدم إنتظام سطحها تؤدي إلى تموج في الرؤية هي الأخرى. لكن هنالك اختلاف مهم بين زجاج النافذة و القرنية و هو أن زجاج النافذة عادة يكون مسطحاً في حال أن القرنية مقوسة(نصف دائرية). هذا التقوس في القرنية يؤدي إلى انكسار الضوء أثناء العبور من خلالها مما يساعد على تقارب الأشعة و تمركزها على الشبكية و بالتالي الحصول على صورة واضحة. و عليه فإن أي خلل في انحناء القرنية يؤدي إلى ظهور عيب بصري. فمثلاً عندما يكون تقوس القرنية أكبر من الطبيعي، عندها ستقع الصورة أمام الشبكية مما يؤدي إلى غباشة و عيب بصري يدعى قصر نظر(Myopia). في المقابل إذا كان تقوس القرنية أقل من الطبيعي، عندها ستقع الصورة خلف الشبكية مما يسبب عيب بصري يدعى ببعد النظر(Hyperopia). و كما تلاحظون فإن القرنية تلعب دوراً مهماً في تعيين قصر و بعد البصر و درجته، و لذلك فإن أكثر العمليات الجراحية التي تقام بهدف تصحيح العيوب البصرية  إنما تستهدف هذا الجزء من العين. فمثلاً في عملية اليزر(PRK) أو الليزك(LASIK) أو اللازك(LASEK) أو الجراحة بالمشرط(RK) نقوم من خلال تعديل انحناء القرنية بتصحيح العيب البصري. كما أن العدسات اللاصقة أيضاً تساعد في وصول القرنية إلى انحنائها المطلوب بشكل مؤقت، مما يصحح من المشكلة البصرية لدى المرضى.

القزحية و الحدقة

القزحية هي الجزء الملون من العين و الذي يقع خلف القرنية و يعطي للعين لونها. يختلف لون القزحية من شخص لآخر و يتراوح بين الأزرق و الأخضر إلى العسلي و البني. يوجد في منتصف القزحية فتحة دائرية صغيرة هي الحدقة تقوم بتنظيم مقدار الضوء الذي يدخل إلى العين. تلعب الحدقة دور الستائر خلف الشباك و التي تحد من كمية الضوء الوارد إلى الغرفة. فكما أنه يتم إغلاق الستائر عندما تكون الإضاءة شديدة في الخارج، كذلك أيضاً هو الحال في الحدقة و التي تتضيق في الأجواء ذات النور الساطع لتقلل من كمية الضوءالداخل إلى العين. في المقابل تتسع الحدقة  في الأجواء المظلمة لتسمح بمرور كمية أكبر من الضوء إلى داخل العين فتسهل الرؤية.

الحجرة الأمامية

و هي حيز صغير يقع بين القرنية و القزحية. يوجد في الغرفة الأمامية سائل يدعى الخلط المائي و الذي يساعد بتنقية هذا الحيز باستمرار و تغذية النسج داخل العين. فكما في تصفية مياه المسابح، يتم استبدال قسم من هذا الخلط المائي باستمرار و الاستعاضة عنه بسائل جديد يفرز داخل العين لتصفية هذا السائل و الحفاظ على نقاوته. إذا اختل هذا التعادل في كمية السائل المزاح و السائل المفرز(الوارد و الخارج) لأي سبب كان، سيزيد ذلك من حجم الخلط المائي داخل العين و بالتالي زيادة ضغط العين (يتراوح الضغط الطبيعي داخل العين بين 10 و 21 ملم زئبقي). إن زيادة ضغط العين يؤدي إلى تضرر الشبكية و العصب البصري و ظهور مرض المياه الزرقاء أو الجلوكوما.

 العدسة

عدسة العين هي جزء شفاف من العين يقع خلف القزحية و تساعد القرنية في تركيز الضوء على الشبكية. تتغير سماكة العدسة زيادة و نقصاناً تبعاً لبعد أو قرب الجسم الذي ننظر إليه من العين. و نتيجة لذلك يستطيع الإنسان رؤية الأشياء بوضوح في هامش مسافة تتراوح بين 20 سم من العين أو أقل إلى اللانهاية في البعد. تقل مرونة العدسة مع التقدم بالسن بشكل تدريجي إلى أن تصل بعد سن 40 سنة إلى درجة يحتاج معها معظم الناس إلى نظارات قراءة لرؤية الأشياء القريبة من العين أو القيام بأنشطة كالقراءة و الخياطة، و هذا ما يطلق عليه اسم قصو البصر الشيخوخي.

بالتزامن مع فقدان العدسة لمرونتها مع التقدم بالسن، تفقد أيضاً من شفافيتها. ففي بعض الأحيان قد تزيد عتامة العدسة إلى درجة تحجب معها الرؤية، و تدعى هذه الحالة بالساد أو المياه البيضاء.

الزجاجية(الجسم الزجاجي)

الجسم الزجاجي هو عبارة عن جسم هلامي شفاف يملأ العين(من خلف العدسة إلى الشبكية) و يُحافظ على كرويتها. مع التقدم بالسن تتغير بنية الجسم الزجاجي و يصبح مائياً في بعض الأماكن. كما أنها تفقد شفافيتها في بعض الأقسام، و تتكون شوائب تلقي بظلالها على الشبكية فتظهر على شكل نقاط صغيرة عائمة و متحركة في مجال الرؤية. تدعى هذه الحالة بالأجسام الطافية.

الشبكية

الشبكية هي نسيج حساس للضوء يوجد في قعر العين(يشبه فيلم الكاميرا). تعمل الشبكية على تحويل الأشعة الضوئية إلى نبضات عصبية يتم نقلها عبر العصب البصري إلى مراكز الدماغ العليا حيث يتم تفسيرها.

تحتوي الشبكية على مستقبلات ضوئية لمستويات إضاءة مختلفة. فالعصي حساسة للضوء ذي الشدة البسيطة (الرؤية الليلية) بينما المخاريط تستجيب للضوء ذي الشدة العالية (الرؤية النهارية) و إدراك الألوان و التفاصيل الدقيقة. تتركز المخاريط في مركز الشبكية(البقعة الصفراء). و بالتالي عندما ننظر إلى شيء ما بشكل مباشر فإن صورة أو ضوء ذلك الشيء يقع في هذه المنطقة من الشبكية ذات الكثافة في المخاريط، و بالنتيجة يمكن رؤية الأشياء بوضوح أكبر.

المشيمية

المشيمية هي طبقة رقيقة سوداء تحيط بالشبكية و تحتوي على شبكة غنية من الأوعية الدموية التي توفر الغذاء والأوكسجين للشبكية. تمتلك خلايا هذه الطبقة صبغيات سوداء(ملانين) تعطيها لونها الأسود و تفيد في امتصاص الضوء و عدم انعكاسه مما يوفر رؤية أكثر وضوحاً.

الصلبة

وهي الطبقة الخارجية البيضاء من العين. وتتكون من نسيج ضام قوي غير شفاف لحماية العين، و ليس لها دور مباشر في عملية الرؤية. تلف الصُلبة معظم كرة العين إلا الجزء الأمامي منها و الذي يشكل القرنية.

العصب البصري

ينشأ العصب البصري الذي يشكل الرابط بين العين و الدماغ من قعر العين، تاركاً محجر العين عبر القناة البصرية في العظم الوتدي ليصل إلى الدماغ. يقوم العصب البصري بإيصال النبضات العصبية من العين إلى الدماغ حيث يتم تفسيرها.

العضلات المحركة للعين

لكي نستطيع رؤية الأشياء في الجهات المختلفة(أعلى، أسفل، يمين، يسار) يجب أن نمتلك القدرة أولاً على تحريك العين في هذه الاتجاهات. تنتج حركات العين عن تنسيق 6 عضلات صغيرة تتصل بمحيط بالعين. إن أي مرض أو خلل في التنسيق بين هذه العضلات قد يؤدي إلى انحراف أو حول أو ازدواجية في الرؤية.