الغذاء في صحة العين والبصر

هل أن الجزر مفيد فعلاً للبصر أم أن هذا ما يقوله الأهالي لأطفالهم لتحفيزهم على أكل الخضار فقط ؟ لقد أشارت الدرسات إلى أن كمية فيتامين A الموجود في جزرة متوسطة الحجم يعادل ضعفي ما يوصى به يومياً، ما يدل على فائدته بالفعل. و لكن إن كنت ممن لا يستهويهم أكل الجزر فلا داعي للقلق حيال ذلك، فهناك مواد غذائية عديدة أخرى غنية بفيتامين A و بقية العناصر الأخرى المفيدة في الحفاظ على صحة العين. سنسعى خلال هذه المقالة إلى التعريف على أهم الفيتامينات و العناصر المفيدة للحفاظ على صحة العين و المواد الغدائية الغنية بها.

مضادات الأكسدة

فيتامين أ و الكاروتينات هي مضادات أكسدة مفيدة للعين

مضادات الأكسدة هي جزيئات تعمل من خلال محاربة الجذور الحرة(Free radicals) على تجنيب الخلايا لأثرها المخرب. و الجذور الحرة هي مركبات تنشأ نتيجة التفاعلات الكيميائية الحاصلة داخل الجسم. تشير التحقيقات إلى أن مضادات الأكسدة تفيد في الوقاية من الكثير من الأمراض من جملتها الأمراض العينية كالساد و تنكس البقعة الصفراء.

يعد فيتامين A مضاد أكسدة، و يوجد في بعض المنتجات الحيوانية كالكبد و الزبدة الحيوانية و بعض النباتات التي تحتوي على مواد الكاروتن. أما الكاروتينات فهي صبغيات صفراء و حمراء اللون توجد في الحيوانات و النباتات، و تعمل هذه المواد كمضادات أكسدة، كما أن أنواعاً خاصة منها تتحول إلى فيتامين أ (بتا-كاروتن هي الأكثر شيوعاً). بعض الكاروتينات الأخرى مثل لوتين(Lutein) و زيازانثين(zeaxanthin) هي أيضاً مفيدة.

كما يفيد فيتامين أ بالوقاية من العشى الليلي. في المقابل نقص فيتامين أ يتسبب بالعشى الليلي و في حال عدم علاجه قد يؤدي إلى جفاف الملتحمة(xerophthalmia) و تقرحات في القرنية و انتفاخ الجفون. و في نفس السياق فإن عدم علاج جفاف العين أيضاً قد يؤدي بدوره إلى العمى. لا حرج من القول بأن نقص فيتامين A يعد من أسباب فقدان البصر الأساسية في بلدان العالم الثالث. كما أشارت الدراسات أيضاً إلى أن فيتامين A يساعد في الوقاية من ظهور الساد(المياه البيضاء) و يمكن أن يقي من فقدان البصر الناجم عن تنكس البقعة الصفراء.

المقدار اللازم من فيتامين A لجسم رجل فوق سن 11 سنة 1000 RE(Retinal Equivalent) و لامرأة فوق سن 11 سنة 800 RE، كما يمكن قياس فيتامين أ بالوحدة الدولية أيضاً(International Unit). ففي المنتجات الحيوانية كل 1 RE يعادل 10 وحدة دولية، و في المنتجات النباتية كل 1 RE يعادل 3.3 وحدة دولية.

يجب على المدخنين و مدمني الكحول تناول كميات أكبر من فيتامين A لأن الدخانيات تمنع من امتصاص فيتامين A في الأمعاء بينما يعمل الكحول على تفريغ الجسم من ذخائره من هذا الفيتامين. إلى ذلك أشارت الدرسات إلى أن قرص فيتامين A يزيد من فرص ظهور سرطان الرئة عند المدخنين، لذلك ينصح هؤلاء الأشخاص بتأمين الفيتامين اللازم من المواد الغذائية. يشير الجدول التالي إلى المنتجات الغذائية الغنية بفيتامين A و نسبته في كل منها.

المواد الغذائية الغنية بفيتامين  A
المنتج الغذائيةRE                 الموجودة في 100غ من المادةRE في الاستعمال الإعتيادي
زيت كبد السمك30.0034.080 (في كل ملعقة أكل)
الكبد 10.50311.868(كل 113 غ)
كبد دجاج6.1651.973(كل واحد عدد)
جزر2.8132.025(كل واحد عدد)
بطاطا حلوة2.0062.668(كل واحد عدد)
كرنب890596(فنجان مقطع)
قرع8701.092(فنجان مقطع)
فلفل أحمر570849(فنجان مقطع)
مانجو389806(كل واحد عدد)
بطيخ أصفر322515(فنجان مقطع)

القيم المذكورة في الجدول تصدق على هذه المواد في حال كانت طازجة فقط، و تتغير عند الطهي لأن الحرارة تتسبب بتخريب فيتامين A و بتا-كاروتن. كما أن تجميدها أفضل من تعليبها.

 (Lutein) و زيازانثين(zeaxanthin)، الخضروات الخضراء و المورقة.

تشير الدراسات إلى أن الوتين و الزيازانثين قد تفيد في التقليل من خطر ظهور الساد. كما أنهما على صلة وثيقة ببعضهما فكلاهما تتواجدان في الغالب سوياً في الخضار و الفواكه، ويمكن أيضا للوتين أن يتحول إلى زيازانثين داخل جسم الإنسان. لا يوجد حالياً أي توصيات حول الكمية الواجب الحصول عليها يومياً من هاتين المادتين، و لكن يفضل أن لا يخلو البرنامج الغذائي منهما لأن جسم الإنسان غير قادر على إنتاج هاتين المادتين. أفضل منبع لهما هو الخضار الخضراء و المورقة و خصوصاً السبانخ. كما أن الكرنب و الخضار الخضراء منابع جيدة لها أيضاً. و كذلك توجد في الخضار و الفواكه صفراء و برتقالية اللون كالذرة. الخضار المطهية غنية أكثر من الخضار الطازجة بالوتين، لأنه عند الطهي تتخرب جدران الخلايا و تتحرر مادة اللوتين منها.

فيتامين C و الفلافونويد الحيوي(Bioflavonoids)

مع أننا بدأنا هذه المقالة بفيتامين A إلا أنها ليست المادة الوحيدة المفيدة للعين. فمن المواد الأخرى المفيدة جداً للبصر هو فيتامين C. الفلافونويد الحيوي أيضاً و المرافق لفيتامين C بشكل دائم، يختص بدوره بفوائده الخاصة إضافة إلى ما يقوم به من تدعيم لدور فيتامين C. لقد اشارت الدراسات إلى أن الكميات المرتفعة من فيتامين C يمكن أن تقلل من خطر ظهور الساد، كما أنه و من خلال خفض ضغط العين يساعد في الوقاية من المياه الزرقاء(الجلوكوما) أو التقليل من أعراضها عند المصابين بها.

يحتاج الجسم يومياً إلى 60 ملغ من فيتامين C، و نظراً إلى عدم إمكانية حفظة في الجسم لفترات طويلة فضلاً عن عدم مقدرة الجسم على إنتاجه ذاتياً، لذلك يجب تناول هذه الكمية بشكل يومي. كما يجب على المدخنين و مدمني الكحول و المصابين بداء السكري تناول كميات أكبر من فيتامين C.

تعد الفواكه الاستوائية و الخضار الخضراء و المورقة و الفلفل و البطاطا من المنابع الغنية بفيتامين C. نذكر في الجدول التالي المنتجات الغذائية الغنية بفيتامين C و مقداره في كل منها.

المواد الغنية بفيتامين  C
ماده غذاييميليگرم در 100 گرمملغ في الاستعمال الاعتيادي
فلفل دلمه اي قرمز190283 (فنجان مقطع)
كلم12080(فنجان مقطع)
كلم بروكلي9382(فنجان مقطع)
فلفل دلمه اي سبز89133(فنجان مقطع)
توت فرنگي5786(فنجان مقطع)
پرتقال5370(عدد 1)
طالبي4268(فنجان مقطع)
گريپ فروت3444(2\1 عدد)
انبه2857( عدد 1)
تمشك2531(فنجان)

القيم المذكورة في الجدول هي بخصوص المواد الطازجة منها، و تتغير هذه القيم عند الطهي لأن الحرارة تتسبب بخفض معدلات فيتامين C. كما أن الضوء أيضاً يتسبب بتخريب هذا الفيتامين لذلك ينصح بحفظه بعلب كرتونية أو بلاستكية( و ليس زجاجية). يذكر أيضاً بأن المواد الطازجة تحتوي على كميات أكبر من المواد المجمدة أو المعلبة.

فيتامين E و العناصر المعدنية

تشير دراسات متعددة إلى دور فيتامين  E في الوقاية من الساد و من المحتمل أنها تفيد في الوقاية من تنكس البقعة الصفراء أيضاً. الكمية الموصى بها من فيتامين E للرجل فوق سن 11 سنة 10 ملغ و لامرأة فوق سن 11 سنة 8 ملغ، كما يحتاج المدخنون في هذه الحالة أيضاً كميات أكبر من فيتامين  E.

تعد المكسرات أهم مصدر لفيتامين E. يشير الجدول التالي إلى المنتجات الغذائية الغنية بفيتامين E و نسبته في كل منها.

المواد الغذائية الغنية بفيتامين  E
المنتج الغذائيةملغ في 100 غملغ في الاستعمال الاعتيادي
بذور عباد الشمس50 36(نصف فنجان)
لوز2417 (نصف فنجان)
بندق2416 (نصف فنجان)
الفول السوداني97 (نصف فنجان)
مانجو12 (1 عدد)

 

تحتاج العين أيضاً إلى بعض العناصر المعدنية، فالسيلينيوم مثلاً يساعد في امتصاص فيتامين E و في إنتاج مضادات الأكسدة داخل الجسم. و تعد المنتجات البحرية من المواد الغنية بالسيلينيوم. الزنك أيضاً يساعد في امتصاص فيتامين A، كما يساعد في خفض عدد الجذور الحرة في الجسم. تشير الدراسات إلى أن الزنك يفيد في صون العين من الابتلاء بعشى الليل و تنكس اللطخة الصفراء. يوجد الزنك في المنتجات البحرية و القمح و المكسرات.

الأحماض الدهنية الأساسية

معظم الناس لا يستطيعون تصديق بأن الدهون أيضاً ضرورية لصحة الإنسان. و الأحماض الدهنية هي حجر البناء الأولى في تشكيل الدهون، و البعض منها يدعى بالأحماض الدهنية الأساسية نظراً لعدم قدرة الجسم على إنتاجها بذاته، ولذلك لا بد من استهلاكها بكميات كافية.

تدخل الأحماض الدهنية الأساسية في صناعة الدهون الغير مشبعة مثل اوميغا-3 و اوميغا-6. اوميغا-3 الأساسي هو حمض ألفا-لينولنيك(linolenic-alpha) و تشمل مشتقاته حمض أيكوسابنتينويك(Epicosapentaenoic) و حمض دوكوساهيكسانويك (Docosahexaenoic)  و بعض المشتقات الأخرى. اوميغا-6 الأساسي هو حمض لينوليك(linoleic) لكن مشتقاته الأخرى لا دور لها في الحفاظ على صحة العين و البصر.

تفيد الأحماض الدهنية الأساسية في تطور القدرة البصرية عند الأطفال حديثي الولادة. كما يسبب نقص هذه الأحماض(و خصوصاً اوميغا-3) عند الكبار ضعف في الرؤية. تشير الدراسات إلى أن نقص هذه المواد لفترات طويلة يمكن أن يؤدي إلى تخريب الشبكية و اللطخة الصفراء. يقوم الجسم بتبديل كلا الحمضين الأساسيين إلى البروستاغلاندين(Prostaglandin) و الذي يساعد بدوره على خروج السائل من العين و بالتالي الحفاظ على ضغط العين طبيعياً.

يطالب خبراء الصحة باستهلاك 0.65غ من اوميغا-3 و 4.44غ من اوميغا-6، ولكن الكثير من الخبراء يولون أهمية أكبر إلى إيجاد توازن بين هاتين المادتين، فالنسبة المثالية بينهما يجب أن تكون بين(1:1) إلى (1:6) في حين أن الواقع المشاهد في أطعمتنا أكثر من ذلك بكثير. لذلك يجب علينا خفض نسبة اوميغا-6 في برنامجنا الغذائي بالنسبة لاوميغا-3.

أفضل منبع لتأمين اوميغا-3 هو السمك، حيث يوصى بأكل السمك مرتين أسبوعياً. يجب هنا الالتفات إلى أن زيت السمك يولد جذور حرة، لذلك يجب على من يتناول كميات كبيرة من السمك أو زيت السمك أن يستهلك بالتوازي معها كمية كافية من مضادات الأكسدة و خصوصاً فيتامين E.

يجب الانتباه هنا أيضاً إلى أن أكثر ما نحصل عليه من اوميغا-6 هو عن طريق السمن النباتي، لذلك فإن استخدام الزيت ينقص إلى حد كبير من استهلاكنا لاوميغا-6.

الخلاصة

تشير الدراسات إلى أن مضادات الأكسدة تفيد في الوقاية من الساد و تنكس البقعة الصفراء. لبعض مضادات الأكسدة فوائد أخرى أيضاً، فمثلاً فيتامينA يحفظ العين من العمى و فيتامينC يمكن أن يحمي العين من الجلوكوما(المياه الزرقاء) أو يخفف من أعراضه. كما أن الأحمضة الدهنية الأساسية تخفف من أعراض جفاف العين و تحفظ العين من تخريب البقعة الصفراء.

للحفاظ على صحة العين يوصى باستهلاك المواد التالية:

  • فيتامينA: زيت السمك، الكبد، الجزر
  • لوتين و زيازانثين: الكرنب، السبانخ
  • فيتامين C: الفلفل، الكرنب، الفراولة، البرتقال
  • الفلافونويد الحيوي: منتجات العنب
  • فيتامين E: بذور عباد الشمس، لوز، بندق
  • السيلينيوم: المكسرات، الأغذية البحرية
  • الزنك: الصدف، القمح، المكسرات
  • الأحماض الدهنية: السمك

بشكل عام للحفاظ على صحة العين يجب تناول السمك مرتين أسبوعياً و استهلاك كميات كبيرة من الخضار الأخضر و المورق.