الانسداد الخلقي للقنوات الدمعية

مما يتشكل الجهاز الدمعي و أين يوجد؟

يوجد غدة دمعية رئيسية في كل عين (lacrimal glands) تتمركز في القسم العلوي الوحشي من العين، بالإضافة إلى هذه الغدد يوجد غدد دمعية مساعدة في حواف الجفون (Krauseو Ciaccio) وهي مسؤولة عن إفراز الطبقة المائية (الوسطى) من الدمع.

و يتكون الدمع بشكل عام من ثلاث طبقات هي:

  1. الطبقة الداخلية (الأولى) و هي طبقة مخاطية رقيقة تفرز من خلايا موجودة في الملتحمة
  2. الطبقة الوسطى (الثانية) و هي أسمك طبقة و هي في الحقيقة كسائل الماء و الملح. تقوم بإفراز هذه الطبقة كل من غدد الرئيسية الموجودة في الجفن العلوي و الغدد المساعدة. تقوم هذه الطبقة بالمحافظة على رطوبة العين بالإضافة إلى دورها في جرف الغبار والأجسام الغريبة إلى جارج العين. و يعد اضطراب إفراز هذه الطبقة من أكثر أسباب جفاف العين شيوعاً ويطلق عليه اسم التهاب الملتحمة و القرنية الجاف (Sicca keratoconjunctivitis).
  3. الطبقة الخارجية أو السطحية (الثالثة) وهي طبقة رقيقة دهنية تفرز من الغدد الميبومية. مهمة هذه الطبقة بشكل أساسي هي الحيلولة دون تبخر الدموع.

ينتشر الدمع على سطع العين و من ثم يخرج الدمع من حيز العين ليدخل من خلال النقط الدمعية الصغيرة (punctum) المتواجدة على حواف الأجفان العلوية و السفلة إلى القناة الدمعية (lacrimal ducts) والكيس الدمعي (lacrimal sac) وفي النهاية يدخل الأنف عن طريق القناة الأنفية الدمعية (Nasolacrimal duct)، ولهذا السبب يحصل سيلان أنفي أثناء البكاء. وعليه فإن الجهاز الدمعي ( كما تلاحظون في الصورة) يتألف من غدد دمعية رئيسية وفرعية (مساعدة) وقنوات دمعية وكيس دمعي وقناة أنفية دمعية.

ما هو انسداد القناة الأنفية الدمعية؟

يطلق على انسداد القناة الأنفية الدمعية الضيقة والمسؤولة عن تصريف الدمع من سطح العين ما يسمى انسداد القناة الدمعية، و التي توجد على نوعين خلقية وعرضية. حيث نتناول في هذه السطور النوع الخلقي لها.

ما هو سبب الانسداد الخلقي للقناة الأنفية الدمعية؟

إن الانسداد الخلقي للقناة الدمعية هو ظاهرة شائعة، حيث أن 6-10% من الأطفال يولدون قبل أن اكتمال نمو القناة الدمعية بشكل كامل. كما ذكرت بعض المراجع أن هذه الظاهرة ربما تشمل 50% من الأطفال حديثي الولادة. و سبب هذا الانسداد هو بقاء غشاء في نهاية القناة الأنفية الدمعية من جهة الأنف.

ما هي أعراض الانسداد الخلقي للقناة الدمعية؟

عادة تظهر الأعراض خلال 2 إلى 6 أسابيع الأولى بعد الولادة و أكثرها شيوعاً هي الدمعان، حيثلا وجود لسيلان دمعي عند الأطفال أثناء البكاء خلال الشهر الأول بعد الولادة في الحالة طبيعية، و بالتالي فإن سيلان الدمع في هذه المرحلة دليل على وجود علة مرضية مسببة له. من الأعراض الأخرى لهذه الظاهرة الالتهاب المتكرر للملتحمة و حدوث التهاب و عدوى في الكيس الدمعي (التهاب و احمرار تحت العين بالقرب من الأنف يرافقه ألم) كما يمكن أن يحدث انتفاخ في هذه المنطقة و تجمع إفرازات مخاطية في الزاوية الأنسية من العين. 3/1 من هذه الحالات ثنائية (في كلا الطرفين). تزداد هذه الأعراض عند الأطفال مع وجود الغبار و الأتربة و الرياح و لكن من دون أن تترافق مع رهاب الضوء (photophobia).

  • ملاحظة: في حال ترافق الدمعان مع رهاب الضوء عند الأطفال يجب أن نشك بالجلوكوما الخلقية.

كيف يتم تشخيص هذا الانسداد؟

  1. الضغط الخفيف على الكيس الدمعي (lacrimal sac) يؤدي إلى ارتجاعات مخاطية عن طريق النقاط الدمعية(puncta).
  2. نضع مواد صبغية مثل الفلوريسئين في العين لنقيس الزمن الذي يتطلبه تلاشيها من العين أو انتقالها إلى إلى الحلق (و يتم ذلك باستخدام ضوء الكوبالت الأزرق) و بالتالي لتقدير فيما إذا كان هنالك انسداد أو لا. و لكن لهذه الطريقة مشاكلها عند الأطفال حديثي الولادة. للقيام بهذه الطريقة نقوم بوضع فلوريسئين 1% في العين و ننتظر 2 إلى 5 دقائق، في الحالة الطبيعية ينغي تلاشي هذه المادة بشكل كامل من العين بعد 5 دقائق تقريباً.

ما هو علاج الانسداد الخلقي للقناة الدمعية؟

عادة ما يزول الانسداد الخلقي للقناة الدمعية عند الأطفال من تلقاء نفسه (في 95% من الحالات يزول الانسداد و تفتح القناة الدمعية تلقائياً في السنة الأولى من حياة الطفل). فيما يشمل العلاج الطرق الجراحية و غير الجراحية.

  1. العلاج الوقائي (conservative) تشمل هذه الطريقة مراقبة الطفل بالإضافة إلى تدليك الكيس الدمعي و استعمال المضادات الحيوية الموضعية. للقيام بالتدليك يجب أولاً غسل اليدين و من ثم نقوم بوضع أصبع السبابة على القسم الأنسي للعين (من طرف الأنف) و نضغط للأسفل.كما قد يلزم استعمال كمادات دافئة في بعض الأحيان. في حال وجود عدوى قد يكون من المفيد استعمال مضادات حيوية موضعية (قطرات أو مراهم)، ولكن يجب الانتباه إلى أن المضادات الحيوية ليس لها تأثير في فتح القناة الدمعية.
  2. في حال لم يؤدي العلاج السابق إلى إزالة الانسداد خلال عدة أشهر أو تعرض الطفل لعدوى شديدة أو عدوى متكررة قد يلزم القيام بعملية تسليك (probing)، نسبة نجاح هذه العملة قبل بلوغ الطفل عامه الأول قد تصل إلى 85-95% و لكن بعد ذلك تتضاءل فرص نجاح العملية بالتدريج مع مرور الزمن. عملية التسليك (probing) هي عملية جراحية تستغرق حوالي 10 دقائق يتم خلالها تسليك القناة الدمعية بواسطة مسبر معدني لإزالة الانسداد الموجود. يعتقد بعض الأطباء أنه يمكن إجراء هذه العملية في عمر الستة أشهر في العيادة و باستخدام التخدير الموضعي. ولكن البعض الآخر يعتقد بإنه يجب أن تتم هذه العملية بعد بلوغ الطفل سنته الأولى لنعطيه الفرصة الكافية المتوقعة لزوال الانسداد تلقائياً،على أن يكون إجراء العملية في هذه الحالة(أي بعد بلوغ الطفل سنته الأولى) تحت التخدير العام و في غرفة العمليات.
  3. إذا لم تنجح عملية التسليك أو كان الانسداد مرافقاً لتضيق في المجرى الدمعي قد يلزم القيام بعملية جراحية أوسع مثل زراعة أنبوب سلكون (silicone tube intubation). يتم في هذه العملية زرع أنبوب من مادة السلكون داخل المجرى الدمعي  و يترك لمدة 6 أشهر مما يساعد على اتساع القناة، ثم يتم إزالة الأنبوب بعد انقضاء المدة من خلال عملية  جراحية صغيرة.
  4. Balloon dacryoplasty و هي طريقة جراحية جديدة تعتمد على القسطرة البالونية حيث يتم إدخال بالون من زاوية العين الأنسية إلى القناة الدمعية و من ثم يتم نفخ البالون بواسطة سائل معقم لمدة 90 ثانية ليتم تفريغه بعد ذلك ، ثم نقوم بتكرار العملية و ذلك بنفخ البالون لمدة 60 ثانية أخرى. نسبة نجاح هذه الطريقة تتراوح بين 80-100%.
  5. في الحالات النادرة التي يستمر فيها الدمعان لدى الطفل بالرغم من القيام بكل الخطوات العلاجية السابقة قد يلزم اللجوء إلى إجراء عملية مفاغرة كيس الدمع بالأنف(dacryocystorhinostomy أو DCR) التي تتبع عادة كعلاج رئيسي في حالات انسداد القناة الدمعية العرضي عند الكبار. ينبغي القيام بها في حالات التهاب كيس الدمع المتكرر أو ارتجاع السائل المخاطي أو الاتساع المؤلم للكيس الدمعي أوفي حال وجود دمعان مزعج. على الرغم من أن هنالك طرق متعددة للقيام بهذه العملية و لكن الهدف منها جميعها واحد و هو خلق فتحة في الكيس الدمعي لوصله بالأنف.

 

إعداد: الدكتورة الهام محمدي

التحرير و التدقيق العلمي: الدكتورة سبيده توكلي زاده - أخصائية في رأب العين والحول