تشنج الجفن (Blepharospasm)

تشنج الجفن بمعنى رف (رعشة) العين أو إغلاق الجفن بشكل لا إرادي. و هي ظاهرة عصبية تصيب بالأخص متوسطي الأعمار و المسنين من النساء. أكثر أشكال تشنج الجفن شيوعاً هو تشنج الأجفان البدئي الحميد (Benign Essential Blepharospasm) و الذي يتمثل بانغلاق الجفن المتكرر اللا إرادي.

إن تشنج الجفن هو في الحقيقة نوع من أنواع خلل التوتر (Dystonia)، و الذي يعني بدوره (أي خلل التوتر) انقباض لا إرادي متكرر و متواصل لعضلة أو لمجموعة من العضلات.

كيف يبدأ تشنج الجفن بالظهور؟

إن بدايات ظهور تشنج الجفن تكون تدريجية، بحيث أن علامات المرض في البداية قد تقتصر على الشعور بجفاف العين أو بحساسية للنور من دون أن يترافق ذلك مع أي انقباض عضلي لا إرادي. بعد فترة من الزمن و نتيجة تهيج العين (بضوء الشمس مثلاً أو الهواء البارد أو الضجيج أو التحريك السريع للعين أو الرأس) أو في حالات التوتر العصبي تظهر نوبات تشنج الجفن. و مع تفاقم المرض تزداد شدة و عدد نوبات التشنج بحيث تؤدي في بعض الأحيان إلى إغلاق العين و بالتالي فقدان القدرة على الرؤية لعدة ساعات. يمكن أن يبلغ المرض في بعض الحالات من الشدة درجة تتسبب للمريض بالعجز و العزلة نتيجة عدم قدرته على مزاولة نشاطه الإجتماعي، و مما قد يؤدي إلى إصابته بالإكتاب.

تزداد شدة المرض عادة في حالات التوتر و الضغط النفسي الشديد كحضور المريض في تجمعات غير معتاد عليها. كما أنه يتوقف عادة أثناء النوم، و تضعف الحملات حين يركز المريض على القيام بنشاط معين.

ما هي أسباب تشنج الجفن؟

لا يزال المسبب الحقيقي و الدقيق لتشنج الجفون اللاإرادي غير معروف، يبدو أن الأمريتمثل في شذوذ في الأداء الوظيفي للعقد القاعدية (Basal ganglia) في الدماغ. هذه المنطقة من الدماغ تتولى مراقبة بدء واستمرار الحركات و التنسيق بين انقباض العضلات المختلفة. في أكثر الحالات يحدث التشنج بشكل عفوي و من دون أي سبب. طبعاً عند الكثير من الأشخاص (ممن لديهم استعداد للمرض) يعتبر جفاف العين عاملاً محفزاً لظهور تشنج الجفن. في بعض الأحيان قد ينتشر مرض تشنج الجفن أو أنواع خلل التوتر الأخرى (Dystonia) في البيت الواحد، مما قد يطرح فكرة ارتباط هذا المرض بالعوامل الوراثية.

كيف يتم تشخيص تشنج الجفن؟

يتم تشخيص تشنج الجفن بالاعتماد على أعراضه السريرية، و لا حاجة للتحاليل الطبية أو الصور الشعاعية الأخرى للبت في التشخيص، إلا في حال الشك بمشاكل طبية أخرى مرافقة (كالأورام).

العلاج

  • العلاج الدوائي: انطلاقاً من أن المسبب الرئيسي لتشنج الجفن غير معروف لذلك لا يوجد علاج دوائي خاص لهذا المرض.و عادة ما تستخدم الأدوية المضادة للاختلاج و المهدئات و مضادات الاكتئاب في العلاج. من جهة أخرى فإن تأثير الأدوية المختلفة على الأشخاص متفاوت و لا يمكن التبؤ به أو معرفة العلاج المناسب لكل مريض مسبقاً. لذلك قد يلزم في غالبية الأوقات أن يجرّب المريض عدة أدوية تحت إشراف الطبيب لمعرفة أي الأدوية أنسب له. على جميع الأحوال لا يمكن الوقوف عند العلاج الدوائي كعلاج يعتدّ به. ففي أحسن الأحوال يمكن أن يؤدي استعمال هذه الأدوية إلى تحسن طفيف و مؤقت للمرض. إلى جانب أن غالبية المرضى لا يحصلون على أي نتيجة تذكر من العلاج الدوائي.
  • حقن البوتوكس: يعد حقن البوتوكس (الموجود في إيران بالاسم التجاريDysport) أفضل الطرق العلاجية لتشنج الجفن في الوقت الحالي. البوتوكس هو الاسم التجاري لمادة بروتينية معقدة تستخر من باكتريا تدعى المطثّيّة (Clostridiumbotulinum). بعد حقنا لبوتوك ستقوم العضلة بجذبهل يستقر بعدها في النهايات العصبية التي تنقلا لأوامرالحركية للعضلات. لتمنع بدورها من ترشح مادة كيميائية مسؤولة عن عملية انقباض العضلة والتي تدعى الأستيلكولين. وبالتالي لايتم تمريرأمرالإنقباض إلى العضلة مما يسبب شلل مؤقت بالعضلة يستمرمن 3 إلى 6 أشهر.

عندما يتم حقن البوتوكس موضعياً داخل العضلات المسؤولة عن إغلاق الجفن، يحصل شلل في هذه العضلات مما يؤدي إلى تحييد العضلات من حول العين و بالتالي زوال أعراض تشنج الجفن. يبدأ تأثير البوتوكس عادة بعد أسبوع أو أسبوعين من الحقن و يستمر من 3 إلى 6 أشهر، ليتم بعدها تكرار العملية مجدداً. يمكن أن تزول الأعراض نهائياً عند عدد قليل من المرضى بعد الحقن لمرة أو مرتين، ولكنها حالة غير شائعة و عادة ما يلزم تكرار حقن البوتوكس كل 3 إلى 6 أشهر. يعد حقن البوتوكس طريقة ناجعة جداً في علاج تشنج الجفن بحيث أنها يؤدي إلى زوال الأعراض في 90 إلى 95% من الحالات. و طبعاً قد يكون لحقن البوتوكس بعض المضاعفات كانسدال الجفن و غباشة في الرؤية و حول، ولكن كل هذه المضاعفات مؤقتة و تزول خلال 6 أشهر كحد أقصى.

  • العلاج الجراحي: يتم القيام بالعلاج الجراحي عندما يكون البوتوكس غير مؤثر أو عندما لا يرغب المريض بالحقن المتكرر للبوتوكس. الطريقة الجراحية الأكثر شيوعاً في علاج تشنج الجفن هي استئصال العضلة (Myectomy)، حيث يتم في هذه الطريقة استئصال جزء من العضلات (المسؤولة عن إغماض الجفون) من حول العين. تفيد هذه الطريقة في علاج نحو 70 إلى 80% من حالات تشنج الجفن، ولكن مضاعفات هذه الطريقة أكثر من مضاعفات حقن البوتوكس، بالإضافةإلى أن مضاعفات البوتوكس مؤقتة و لكن مضاعفات العمل الجراحي دائمة.
  • العلاج المحافظ: كما قلنا سابقاً فإن الإجهاد و التوتر و الضغط العصبي عادة ما يؤثر سلباً على تشنج الجفن. تثقيف المريض و من حوله بهذه الأمور و تقديم الدعم اللازم للمريض من قبل الأهل يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية في الحد من المرض.

يجب الانتباه و أجذ الحيطة إلى أن نوبة تشنج الجفن الشديدة قد تستمر لعدة ساعات مما يعيق و يحجب الرؤية خلال هذه المدة، لذلك يجب تأمين محيط المريض و إبعاد الأشياء الخطيرة من حولهلكي لا يتعرض للأذى أثناء الحملة.

يمكن لتشنج الجفن أن يسبب القلق و الاكتئاب و العزلة، وبالتالي فإن علاج القلق و الاكتئاب يمكن أن ينعكس إيجاباً على نشاط المريض.

إن استعمال النظارات الشمسية الداكنة يساعد مرضى تشنح الجفن لسببين، الأول أنه مع حجب هذه النظارات للضوء الساطع، يتسبب بتجنب تهيج العين و بالتالي الوقاية إلى حد ما من نوبة تشنج الجفن. والثاني أن النظارات الداكنة من خلال إخفائها لرفة(رعشة) العين عن أعين الناس يساعد المريض أكثر على ممارسة نشاطه الاجتماعي.

استعمال قطرة الدمع الاصطاعي بهدف علاج جفاف العين أو التهاب الجفون، يمكن من خلال تخفيف تهييج العين أن يساعد في الحد من نوبات تشنج الجفن.

نظراً لإزمان هذا المرض و ما ينتج عنه من مشاكل اجتماعية، تم في بعض الدول إحداث مجوعات خاصة لتقديم الدعم و المساعدة لهؤلاء الأشخاص. ولكن للأسف فبلدنا لم يلحق بركب تلك الدول بعد.