ذبابات الرؤية الطائرة والومضات (Floaters and Flashes)

هل أحسستم إلى الآن وعند التحديق في الأفق أو بجسم مستوي (كورقة بيضاء أو في السماء الزرقاء الصافية على سبيل المثال) برؤية ذرات صغيرة تشبه حبات الغبار في حالة من الحركة الدائمة للأعلى والأسفل، وتبقى في مجال الرؤية حتى بعد إغلاق العين لمدة من الزمن على شكل ظلال وخيالات صغيرة؟ يطلق على هذه الظلال المتحركة اسم ذبابات الرؤية الطائرة. في العادة تتحرك ذبابات العين الطائرة مع حركات العين وبسبب حركتها المعاكسة تماماً لحركة العين لا يمكن تتبعها والتدقيق فيها.

ما هي ذبابات الرؤية الطائرة؟

في الحقيقة تعد ذبابات الرؤية الطائرة عبارة عن ظلال الأجسام الغريبة داخل سائل الزجاجية والواقعة على الشبكية والتي يشعر بها الشخص على شكل ظلال سوداء اللون دائمة الحركة في المجال البصري. ويعود العامل الرئيسي لوجود الأجسام الغريبة داخل الزجاجية إلى تضخم واتصال الألياف المشكلة للسائل الزجاجي، تجمع الخلايا الالتهابية داخل الزجاجية أو حتى النزيف داخل الزجاجية وكرة العين.

ما هي الزجاجية؟

الزجاجية عبارة عن سائل هلامي الشكل يشبه إلى درجة كبيرة بياض البيض الخام وتغطي القسم الأكبر لداخل كرة العين (من خلف عدسة العين حتى الشبكية) وتساهم بشكل فعال في حفظ هيكلية العين الكروية وتساعد على تثبيت الشبكية في مكانها الطبيعي. تتشكل الزجاجية من شبكة اسفنجية الهيكلية عبارة عن مجموعة كبيرة من الألياف دقيقة الحجم تستقطب وتخزن كميات كبيرة من الماء والمواد المحلولة فيه مما يمنحها شكلها الهلامي الفريد. يزداد عدد ألياف الزجاجية ومتانتها في قسمها الخارجي وتتميز باتصالات محكمة خاصةً مع طبقات الشبكية الداخلية.

ما العامل والسبب الرئيسي في تشكيل ورؤية ذبابات العين الطائرة؟

تعد رؤية ذبابات العين الطائرة من الأعراض والعلائم الشائعة والتي تزداد تدريجياً مع التقدم في السن والشيخوخة حيث يذكر أكثر من 60 إلى 70 بالمئة من الأشخاص ما فوق سن الستين عاماً رؤيتهم لحالات من الذبابات الطائرة في بعض الأوقات. وتتميز الألياف الموجودة في الزجاجية عند الأطفال والمراهقين بحجمها الدقيق وشفافيتها العالية، ولكن ومع التقدم في السن تزداد ثخانة هذه الألياف وقد تلتصق ببعضها في بعض أقسام الزجاجية مما يؤدي إلى إعاقتها لمسير الأشعة الضوئية الطبيعي وتشكيل ظلال تقع على الشبكية يمكن رؤيتها على شكل ذبابات طائرة أو نقاط سوداء عائمة. بالإضافة إلى ذلك وعند بعض المسنين، يسبب انفصال قسم من ألياف الزجاجية المحيطية المتصلة بالشبكية وتساقطه إلى داخل أقسام الزجاجية المركزية نوع من الضبابية داخل سائل الزجاجية، ويطلق على هذه الحالة اسم (انفصال الزجاجية الخلفي) وتعد من أهم وأكثر العوامل المسببة لرؤية ذبابات العين الطائرة خاصةً عند المسنين. في بعض الحالات قد تسبب الانتانات والالتهابات الموجودة داخل كرة العين (التهاب القذحية) تجمع الخلايا الالتهابية داخل سائل الزجاجية الشفاف والذي يؤدي إلى رؤية حالات من النقاط السوداء العاتمة وذبابات العين الطائرة. وبالطبع توجد علل وعوامل أخرى تسبب رؤية ذبابات العين الطائرة كالنزيف داخل الزجاجية، فعلى سبيل المثال يعاني بعض المصابين بداء السكري من نظيف خفيف داخل طبقات الشبكية نتيجة آثار وأعراض اعتلال الشبكية السكري، الأمر الذي يؤدي إلى تجمع الدماء داخل الزجاجية الشفافة ورؤية حالات من الذبابات الطائرة.

من هم المعرضين لرؤية ذبابات العين الطائرة؟

  • الأشخاص في الأعمار فوق الستين عاماً
  • المصابين بحسر البصر أو قصر النظر
  • الخاضعين في السابق لعمليات العين الجراحية خاصةً جراحة الساد أو الكتاراكت
  • الذين عانوا في السابق من الالتهابات داخل العينية (التهاب القزحية)

ما هي الومضات؟

يطلق على الشعور برؤية أشعة ضوئية ساطعة في المجال البصري في حين عدم وجود أي محرك أو منبع ضوئي معين اسم الومضات في طب العيون. ويمكن لهذه الومضات الظهور على شكل خطوط مضيئة تشبه الصاعقة أو على شكل أجسام صغيرة مضيئة دقيقة الحجم ومتعددة الأشكال والتعداد في قسم من المجال البصري. يمكن مشاهدة الومضات في قسم خاص فقط من المجال البصري أو قد تنتشر لتغطي اقسام متعددة منه. وفي العادة لا يمتد احساس الشعور برؤية الومضات لأكثر من عدة ثواني إلا أن رؤية الومضات قد يتكرر لعدد من المرات في أكثرية الأحيان. في العادة تظهر الومضات في مجال الرؤية داخل الأماكن المعتمة ويمكن للمريض الشعور بها بوضوح. كما يمكن لحركات الرأس أو العينين الفورية والسريعة التسبب برؤية الومضات في مجال الرؤية.

ما السبب الرئيسي لرؤية الومضات؟

كما أشرنا سابقاً، مع التقدم في السن تعاني الألياف المشكلة للزجاجية من تضخم وثخانة بالإضافة إلى الالتصاق ببعضها البعض في عدد من أقسامها. لهذه الاتصالات القدرة على شد طبقات الشبكية أو تحريكها من مكانها، وحيث أن استجابة خلايا الشبكية للتنبيهات المختلفة لا تتعدى الاستجابة الضوئية، يترجم الدماغ تنبيهات الشبكية الناتجة عن شدها على شكل أشعة ضوئية أو ومضات. ولهذا السبب تحديداً تتم رؤية الومضات عندما تعاني الشبكية من الشد أو الضغط من قبل سائل الزجاجية ومختلف العوامل المؤثرةالأخرى.

هل تعد ذبابات العين الطائرة والومضات من الأعراض الخطيرة على العين والرؤية؟

يعاني العديد من الأشخاص من علائم ذبابات العين الطائرة دون الإصابة بأي مشكلة أو اختلال جدي وخطير. وفي العادة لا تعد ذبابات العين الطائرة الثابتة على مر السنين دون التفاقم حالة خطيرة تستدعي المداخلة الطبية الفورية إلا أنّ لرؤية ذبابات جديدة مسئلة هامة تستدعي المعاينة الطبية الدقيقة. بالطبع وكما أشرنا إليه سابقاً يعد انفصال الزجاجية الخلفي من أهم عوامل ظهور ذبابات العين الطائرة (الجديدة) والتي لا تعتبر خطراً يهدد سلامة حدة الرؤية بصورة تلقائية، ولكن وفي بعض الأحيان ومع انفصال الزجاجية يتم سحب قسم من الشبكية أيضاً مسبباً انفصال الشبكية أو ثقبها الأمر الذي يؤدي إلى تناقص حدة ومعدل الرؤية بشكل كبير. كما أشرنا إليه سابقاً، تنشأ الومضات في مجال الرؤية عن شد وتنبيه الشبكية، وبناءً على ذلك يحتمل إصابة الأشخاص الذين يعانون من رؤية الومضات من تمزق في طبقات الشبكية المختلفة.

في الحقيقة لا يمكن تشخيص العامل الرئيسي في توليد ذبابات العين الطائرة أو الومضات بدون المعاينة الطبية الدقيقة والخضوع لعدد من الفحوصات الأخرى، وبناءً على ذلك ينصح الأطباء جميع المرضى الذين يعانون من رؤية الومضات أو ذبابات العين الطائرة بمراجعة متخصصي العينية للخضوع للفحص والمعاينة الطبية العينية الدقيقة.

للمعاينة الطبية في البداية يعمل الطبيب على توسيع حدقة العين بالاعتماد على أنواع من القطرات العينية الخاصة وبعد ذلك يبدأ بفحص الزجاجية والشبكية باستخدام مجموعة من الأدوات والعدسات الخاصة. وفي العادة تنتفي ضرورة المداخلة الطبية في حال سلامة المعاينة أي عند تشخيص عدم إصابة الشبكية بأي خلل وظيفي باستثناء انفصال الزجاجية الخلفي، ولكن وفي حال تشخيص إصابة الشبكية باختلال ما أو وجود علائم عن النزيف أو الالتهابات داخل العين، من الضروري خضوع المريض للتقنيات والمداخلات الطبية العلاجية على الفور.

في العادة لا يتم الوصول إلى تشخيص عامل ذبابات العين الطائرة خلال معاينة طبية واحدة فقط، وفي هذه الحالة من الضروري مراجعة المريض للمعاينة الطبية المجددة في مدة تتراوح من 2 إلى 3 أسابيع، وتستمر هذه المعاينات على المنوال السابق حتى يطمأن الطبيب من عدم وجود أي سبب خطير يدعو للقلق.

ومن الضروري هنا الإشارة أن استمرار رؤية الومضات حتى في حال مرافقتها لتمزق في الشبكية لا يتعدى عدة أيام إلى عدة أسابيع ومن ثم تتماثل تلقائياً للشفاء. ويمكن أيضاً لذبابات العين الطائرة ومع مرافقتها لتمزق وانفصال الشبكية التماثل للشفاء أو صغر الحجم خلال عدة أسابيع. بناءً على ذلك يتوجب على المرضى في حال معاناتهم من رؤية الومضات أو ذبابات العين الطائرة حتى وفي حال اختفائها مع مرور الوقت الخضوع للمعاينة الطبية العينية الدقيقة.

هل يمكن علاج الومضات أو ذبابات العين الطائرة؟

كما اشرنا إليه سابقاً، في العادة لا تشكل رؤية ذبابات العين الطائرة أي خطراً يهدد سلامة الرؤية ولا تحتاج في أكثرية الأحيان إلى المداخلة الطبية والعلاج، وفي العادة وبعد مرور من عدة أسابيع إلى عدة أشهر تبدأ ذبابات العين الطائرة بالصغر تدريجياً ويعتاد المريض على إهمال رؤيتها. وفي حال مرافقة ذبابات العين الطائرة لثقب أو تمزق الشبكية قد يحتاج المريض في هذه الحالة للمداخلة الطبية والعلاجية بالاعتماد على تقنيات الليزر أو العمليات الجراحية للحيلولة دون تمزق الشبكية.

كما تتماثل الومضات إلى الشفاء التدريجي بعد عدة أيام إلى عدة أسابيع ولا تحتاج في حال عدم مرافقتها لاختلال جدي إلى المداخلة الطبية والعلاجية.

عوامل الومضات غير المرتبطة بالعين

يعاني المصابون من الصداع النصفي أو الشقيقة في العادة من رؤية نوع آخر من الومضات، ويرى هؤلاء الومضات على شكل خطوط معوجة دائمة الاهتزاز أو نقاط مضيئة كبيرة الحجم. في العادة تظهر الومضات في البداية في وسط المجال البصري أي أمام المريض تماماً، وبعد مرور من 15 إلى 20 دقيقة تنزاح تدريجياً إلى أطراف المجال البصري وتبدأ بالاختفاء. وبعد ذلك تبدأ آلام الرأس وهي في العادة آلام نصفية نابضة. بالطبع يعاني بعض الأشخاص من رؤية الومضات فقط ولا يشعرون بآلام الرأس والصداع، ويطلق على هذه الحالة اسم "الصداع العيني". ومن الضروري هنا الإشارة إلى أن الومضات الناتجة عن الإصابة بالصداع النصفي، تشاهد في كلتي العينين في حين تتم مشاهدة الومضات الناتجة عن اختلالات العين فقط في العين المصابة.

من العوامل الأخرى المسببة لرؤية الومضات، الضربات أو الصدمات الوادرة على الرأس. وقد تؤدي أي ضربة مباشرة على الرأس وعلى اختلاف شدتها لرؤية ومضات باهرة لمدة زمنية قصيرة قد لا تتجاوز عدة ثواني.

الخلاصة

كما أسلفنا، لا تعد حالة ذبابات العين الطائرة والممتدة لسنوات عديدة دون التفاقم أو التدهور، من العلائم التي تستدعي المداخلة الطبية السريعة، إلا أنه من الضروري مراجعة طبيب العيون في حال ظهور إحدى المشكلات التالية:

  • ذبابات طائرة جديدة (حتى في حال زوالها تلقائياً بعد مرور عدة أسابيع)
  • الذبابات الطائرة القديمة والتي ازدادت حجماً في الآونة الأخيرة
  • رؤية الومضات مع ذبابات العين الطائرة (حتى في حال زول الومضات بعد مرور عدة أيام تلقائياً)
  • ذبابات العين الطائرة مع انخفاض في حدة الرؤية أو الشعور بوجود ستارة أمام العين (لهذه العلامة أهمية كبيرة وقد تدل على انفصال جزء من الشبكية والتي تستدعي العلاج الفوري)